بسـم الله الرحمـــن الرحيـــم
السلام عليكم ورحمـة الله وبركاتـه
سر النجاح يكمن في تحطيم وهم ترسخ في عقول الكثيرين بحتمية الفشل, فها هو بطل رياضي, يكسر حاجز الوهم بحتمية الفشل الذي ظنه الناس حقيقة, بعد أن استنهض عملاقه الداخلي, فقد ظل الناس يعتقدون لمئات السنين أنه من غير الممكن جسمانيًا, أن يجري أحد ميلًا كاملًا في أقل من أربع دقائق, بل أعلن البريطاني في أوليمبياد 1903م أن الرقم القياسي لمسافة الميل هو 4 دقائق و12,75 ثانية, لا يمكن تحطيمه.
في نفس الوقت, جاء ذلك الرياضي الذي يدعي روجر بانيستر, والذي اعتقد أنه يستطيع تحطيم الرقم القياسي وكسر حاجز الأربع دقائق, وفي يوم 6 مايو 1952م استطاع تحقيق ذلك, وكان قوله بعد ذلك: كنت واثقًا أنني أستطيع جري الميل في أربع دقائق.
والعجيب أنه في خلال ثلاثين يومًا من تحطيم بانيستر لحاجز الأربع دقائق, تمكن 32 رجلًا آخر من تحطيمه أيضًا, فالتغيير الأهم الذي مكَّن روجر من تحطيم الأرقام القياسية, بدأ من الداخل, فلو خاف بانيستر من الفشل، ذاك العدو اللدود للنجاح، لما تمكن من النجاح أبدًا، فالفشل هو العقبة الكئود التي تعترض طريق الإيجابية.
إستراتيجيات التفكير الإيجابي:
1. إستراتيجية التجزئة:
(كل من يريد أن يصل إلى هدف بعيد, عليه أن يخطو خطوات صغيرة كثيرة).
هملت شيلد
أحيانًا يعمم الإنسان شيئًا سلبيًا عن نفسه, مثل الفشل أو القلق أو الوحدة أو الخوف, فيقول أنا فاشل, أو أنا قلق, أو أنا خائف من المستقبل, أو أنا ذاكرتي ضعيفة جدًا, أو تركيزي ضعيف؛ فيسبب لنفسه اعتقادًا سلبيًا يمنعه من التقدم, فالهدف من إستراتيجية التجزئة هو تجزئة هذا الحكم والتعميم السلبي إلى مكونات أصغر مما يجعل الشخص يدرك الحكم بإدراك آخر إيجابي, يساعده على التعامل مع الأجزاء كل على حدة بثقة وسهولة تامة.
روشتة سريعة:
1. فكر في حكم حكمته على نفسك أو فرضه عليك الآخرون, واكتبه في ورقة.
2. فكر في الأحاسيس التي سببها لك هذا الحكم, والفرص التي ضاعت منك بسببه.
3. قم بتجزئة هذا الحكم إلى أجزاء صغيرة.
4. فكر في الحل لكل جزء على حدة.
5. لاحظ أحاسيسك الآن.
على سبيل المثال, الحكم هو الفشل, وأجزائه: عدم وجود أهداف, تفادي الفعل, عدم الالتزام, عدم التقييم, ولكي تعالج تلك المشكلة, اتبع الخطوات السابقة.
2. إستراتيجية التعريف:
(لكي ننجح, يجب علينا أولًا أن نؤمن أنه بمقدورنا تحقيق النجاح).
مايكل كوردا
يحكي لنا الدكتور إبراهيم الفقي عندما كان في دورة المدرب المحترف المعتمد, التي أقيمت في المملكة الأردنية الهاشمية, سأله أحد المتدربين فقال: (هل يمكنني فعلًا أن أكون مدربًا مثلك يا دكتور إبراهيم؟), فقلت له: (بالطبع بل وأفضل إن أردت ذلك), فقال: (مشكلتي هي أنني إنسان خجول جدًا, ويقال عني إن شخصيتي ضعيفة, فكيف لي أن أدرب الآخرين؟).
فقلت له: (هل تحب عندما يكلمك أحد أن تسمعه؟) فقال: (نعم), فقلت له: (هل تعرف أحدًا يتكلم بدون إنقطاع ولو كلمه أحد فهو يقاطعه, ولا يترك المجال لأحد أن يتكلم), فضحك وقال: (أكيد أعرف الكثيرين بل يبدو لي أن كل الناس هكذا), فقلت له: (أما أنت فقد وهبك الله سبحانه وتعالى القدرة على السمع والإنصات, وهذه القوة التي تتمتع أنت بها ليست موجودة عند معظم الناس, ومن صفات المدرب المحترف أن يستمع وينصت لكي يفهم ويقيم الأمور قبل أن يتكلم) بتصرف.
نظر إليّ الشاب في دهشة وقال: (لم أعرف أن ما عندي ليس خجلًا ولكنه قوة), فقلت: (بل هو قوة يتمناها الناس لأن بعض المشاكل تأتي من التسرع في الكلام), فقال لي ضاحكًا: (أنا قررت أن أكون أفضل منك يا دكتور إبراهيم).
هذا مثل من إعادة التعريف, فالشخص الذي يفكر في نفسه أنه خجول, كان النتيجة تعريفه لنفسه هو شعوره بأنه أقل من الآخرين مما سبب له الإعتقاد بأنه ضعيف, أما عندما تغير التعريف وأصبح الإستماع قوة جعلته يشعر بالرضا عن نفسه, فزاد تقديره الذاتي وثقته في نفسه, وبذلك تحول التعريف من الضعف إلى القوة.
روشتة سريعة:
1. فكر في تعريف سلبي أعطيته لنفسك, أو أعطاه لك الآخرون واعتقدت أنه حقيقة.
2. فكر في الأحاسيس التي تشعر بها بسبب هذا التعريف السلبي.
3. تنفس بعمق ثلاث مرات لكي تخرج من الحالة السلبية.
4. فكر في تعريف آخر إيجابي يدعمك.
5. فكر في الأحاسيس التي تشعر بها بسبب التعريف الإيجابي.
6. تخيل نفسك في المستقبل مع الأشخاص الذين كانوا يدعمون التعريف السلبي, ولاحظ ثقتك في نفسك بالتعريف الجديد.
3. إستراتيجية القيمة العليا:
(إن الأمور تتطور للأفضل بالنسبة للأشخاص الذين يستغلون الطريقة التي تتطور بها الأمور).
جون وودن
إستراتيجية القيمة العليا تهدف إلى توسيع آفاق الشخص, فيرى القيمة في أي تحد, مما يجعل أحاسيسه هادئة ومتزنة.
فمن الممكن أن يفشل طالب في الإمتحان فتكون قيمته العليا هو تقبل الهدية, وأن ما حدث ليس إلا تجربة تعلم منها لكي يصبح افضل في المرة القادمة, ومن الممكن أن يخسر لاعب كبير بطولة من البطولات الهامة, فتكون قيمته العليا مثل الطالب وهي تقبل الهدية, ثم التركيز على تحسين أسلوب لعبه في البطولات القادمة.
روشتة سريعة:
1. فكر في تحد موجود في حياتك الآن.
2. فكر في الأحاسيس التي سببها لك التحدي, والفرص التي ضاعت منك بسببه.
3. فكر في التعميم والقيمة العليا لهذا التحدي, وما تعلمته من خبرات.
4. لاحظ أحاسيسك الآن.
4. إستراتيجية البدائل:
(الشخص الذي عنده أكثر من بديل لكي يحل مشكلة واحدة, عرف الطريق إلى القمة).
إبراهيم الفقي
ذكرت جامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية, إن النجاح يعتمد على المرونة التامة والتحرك السريع ببدائل وأفكار جديدة, تجعل الشخص أو الشركة يستفيد من الفرص المتاحة.
روشتة سريعة:
استخدم البديل الأول وضعه في الفعل ثم قم بتقييم النتائج, فإذا لم تصل إلى النتائج المرغوب فيها, استخدم البديل الثاني ...وهكذا, حتى تحقق هدفك.
5. إستراتيجية تغيير التركيز:
(كل رجل عظيم أصبح عظيمًا, كل رجل ناجح أصبح ناجحًا, عندما وضع كل قدراته وتركيزه على هدف إيجابي محدد).
مادردي
إستراتيجية تغيير التركيز عبارة عن مجموعة أسئلة نستخدمها بشكل لا واع, عندما نواجه تحديات من أي نوع, فهي بمثابة تقييم داخلي لتجارب الحياة, فلو كان هذا التقييم سلبيًا, يتصرف الشخص بطريقة سلبية, والعكس, فعندما يكون التقييم الداخلي إيجابيًا, تكون النتائج إيجابية.
فعندما تضع تركيزك وانتباهك على شئ ما, يقوم العقل بإلغاء أية معلومات أخرى؛ لكي يفسح المجال للشئ الذي تركز عليه, بالإضافة إلى تعميم الشئ الذي تركز عليه, فتشتعل الأحاسيس وتسبب السلوك.
دعني أسألك: هل حدث أنك كنت تعاني من صداع ثم رن التليفون, وكان صديقًا قديمًا لم تره منذ فترة طويلة فانشغلت تمامًا معه, وعند إنتهاء المكالمة وجدت أن الصداع قد اختفى؟ أو أنك كنت تركز على شخص ما بطريقة سلبية, ثم قابلته قدرًا فوجدته مهذبًا, فغيرت تركيزك عليه.
كما ترى عندما تغير تركيزك على شئ ما, يجب أن تحل محله تركيزًا آخر؛ لأن العقل البشري لا يمحو التجارب بل يحل محلها تجارب أخرى.
روشتة سريعة:
دعنا نجرب معًا نموذج التركيز, ولنبدأ بالتركيز السلبي:
1. فكر في تجربة سلبية تعيشها في حياتك الآن.
2. اسأل نفسك الأسئلة التالية, واكتب الإجابة على كل سؤال قبل أن تنتقل إلى السؤال الذي يليه:
· ما هي المشكلة بالتحديد؟
· منذ متى تعاني منها؟
· لماذا لديك هذه المشكلة؟
· من السبب في وجود هذه المشكلة في حياتك؟
· كيف تحول هذه المشكلة بينك وبين ما تريد أن تحققه في حياتك؟
· ما هو أسوأ وقت عشت فيه هذه المشكلة؟
3. بعد ما أجبت على هذه الأسئلة صف شعورك.
ستجد أن شعورك سلبي؛ لأن هذه المجموعة من الأسئلة التي تجعل تركيزك على المشكلة وسلبياتها.
الآن دعنا نستخدم التركيز الإيجابي:
1. فكر في نفس المشكلة وأجب على الأسئلة التالية:
· ماذا تريد؟
· لماذا تريد؟
· متى تريده؟
· كيف تستطيع الحصول عليه؟
· عندما تحصل على ما تريد, ما الذي سيتحسن في حياتك؟
· ما هي التحديات التي من الممكن أن تواجهك؟
· ما هي أفضل طريقة لحل التحديات؟
· ما الذي يجب عليك أن تبدأ بالقيام به الآن لكي تحصل ما تريد؟
2. بعد أن أجبت على هذه الأسئلة, ما هو شعورك؟
ستجد أن هناك فرقًا؛ لأن التركيز الأول كان سلبيًا, ولكن التركيز الثاني إيجابي ويقودك إلى الحل, لذا من اليوم استخدم إستراتيجية التركيز الإيجابي مع أي تحدي تريد أن تحوله من سلبي إلى إيجابي.
واخيرًا:
اختم بقول الدكتور إبراهيم الفقي: (من الممكن لأي إنسان أن يكون إيجابيًا في الظروف العادية, ولكن القوة الحقيقية تظهر, عندما يواجه الإنسان تحديًا من تحديات الحياة ويفكر إيجابيًا).
أهم المراجع:
1. قوة التفكير, إبراهيم الفقي.
2. قوة الأهداف, كاترين كاريفلاس.
3. لليوم أهميته, جون سي. ماكسويل.
4. أفضل ما في النجاح, كاترين كاريفلاس.
5. قوة المبادرة, محمد العطار.
منقول